

سَحر راوية... فنانةٌ عابرةٌ للجغرافيا، تحملُ في صوتها تراثًا ضائعًا من بلادٍ لم تُنصف الأرواح فيها، وجذورًا عربيةً تنبضُ في قلبها رغم المسافات والصمت.
وُلدتْ في حضن جبالٍ مطرّزةٍ بالأغاني القديمة، وتربّت بين لهجاتٍ عديدة، لكن العربية ظلّت لغتها الوحيدة حين تتكلم الروح.
رحلتها لم تكن مجرد تنقّل، بل بحثٌ عن الذات في خرائط الروح... وفي أرض الأندلس، حيث يهمس التاريخ بكل ما طُمس، وجدت نبضًا يشبهها. هناك، لم تكن الغربة غربة، بل لقاءٌ بين الحنين والاعتراف. وفي الشوارع التي تتنفس الفلامنكو، شعرت أن جذورها نادت باسمها القديم.
تحمل الجنسية الإسبانية، لكن الهوية عندها أعمق من ورقٍ رسمي... هي انتماءٌ حرٌ إلى الذاكرة، وإيمانٌ بأن الأرواح تعرف أوطانها دون تأشيرات.
مغنية، شاعرة، ومؤلفة موسيقية، تعزف على العود والغيتار وتنسج ألحانًا تتلاقى فيها المقامات الشرقية، وموسيقى الجاز، والفلامنكو الحيّ. تكتب وتغني بالعربية، وتنقل قصائدها للعالم بلغات متعددة: الإنجليزية، الإسبانية، الألمانية، وأحيانًا الفارسية، إيمانًا منها بأن الحب والسلام لا لغة لهما.
مشروعها الفني ليس مجرد صوتٍ يُغنّى — بل رسالةٌ عميقةٌ تنادي بالعدالة، بالحب، وبوطنٍ أوسع من الحدود. موسيقاها جسرٌ بين العالمين: الشرقُ الذي يُشكّل جذورها وانتماءها، والغربُ الذي يُعبّر عن واقعها الحالي. قلبها يُحلق في الاثنين، ويختار منهما جمالًا يروي الذاكرة ويضيء المستقبل.
تؤمن أن الفنّ ليس للترف، بل للمقاومة... وأن اللحنَ الصادق يستطيع أن يهزّ جدران الصمت.


